أعادت أميركا، أمس، صياغة تاريخها، أو على الأقل ألبسته حلّة جديدة. البيت الأبيض يترقّب رئيساً أسود للمرة الأولى منذ أن وجد. إنه باراك أوباما الذي أعطى شعباً، قصم ظهره جورج بوش، «الأمل بالتغيير»، بالاستفاقة مجدداً، وباستعادة رفاهية ضائعة وإعجاب افتقده في كل أنحاء العالم.
«أمل» دفع عشرات ملايين الناخبين الأميركيين إلى الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع لانتخاب «كينيدي الأسود»، الذي وصل مستوى تشبيهه بالرئيس الراحل جون كينيدي حداً تحدث فيه البعض عن احتمال أن يلقى المصير نفسه: الاغتيال. وربما يكون هذا الاندفاع جزءاً من المصالحة مع الذات. مع عقود من اضطهاد ذوي الأصول الأفريقية. محاولة للتخلص من صبغة العنصرية التي خشي العديد من المراقبين أن تكون عاملاً مضمراً يتلاعب باستطلاعات الرأي لمصلحة جون ماكاين.
ومع ذلك، يؤكد كثيرون أن لون البشرة والجذور الإسلامية والعائلة المتعددة الجنسيات كلها عناصر لا تجعل من باراك حسين أوباما هذا الرئيس الذي يطمح إليه البعض، وخصوصاً في العالمين العربي والإسلامي، يخشون أن يكون أكثر «بياضاً» من جميع أسلافه، وأكثر شراسة في الدفاع عن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وإن كانت أساليبه تركز على «القوة الناعمة» بدلاً من «العصا الغليظة» التي اعتمدها سلفه.
مهما يكن من أمر، فقد أظهرت النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة الأميركية أن أوباما تأكد فوزه بالولايات الآتية: فيرمونت (3 مندوبين كبار)، وألينوي (21)، وواشنطن (11)، وميريلاند (10)، وبنسلفانيا (21)، ونيوجرسي (15)، وماساشوستس (12)، وكونيكيت (7)، وماين (4)، وديلاور (3)، ونيوهامبشر (4) ونيويورك (31) وأوهايو (20) ونيومكسيكو (9).
أما ماكاين، ففاز في كنتاكي (8 أصوات)، وفرجينيا الغربية (5)، وأوكلاهوما (7)، وتينيسي (11)، وكنتاكي (
، وأركنساس (6)، وجورجيا (15)، وثاوث كارولاينا (21). وحتى الخامسة من فجر اليوم، لم يبدأ فرز الأصوات في كاليفورنيا (55 صوتاً) علماً بأنها محسوبة أصلاً لمصلحة أوباما، الذي كان ينتظر الفوز بفلوريدا أو أوهايو أو إنديانا أو نورث كارولاينا لحصد الناخبين الكبار الـ 270 الذين يضمنون له الفوز النهائي.
نتائج تضع حداً لطموحات المرشح الجمهوري، الذي أثقل كاهله الإرث الذي خلّفه له بوش، رغم محاولات النأي عنه. ومع هزيمته، تكسّرت آمال رفيقته في السباق سارة بالين، التي توقعت أن تتوجه اليوم إلى البيت الأبيض بصفتها نائبة للرئيس. لعلّها كانت نائبة عليه.