ارض الاوهـــام

ارض الاوهام

رواية جميلة جدا عن بنت لبنانية حبيت انقلها لكم ولكم الحكم فى الاخر

رواية اكثر منها قصة تأخذكم الى اوروربا لتعيشون معاً قصة فتاة سافرت لتكمل دراستها في الخارج وواجهت مجتمعاً اخر بعيد كل البعد عن القيم العربية والعادات الشرقية وحتى بعيد عن تعاليم الدين الاسلامي التي تحاول جاهدة التمسك بها...

تخيلت نفسي انا هذه الفتاة وسافرت الى فرنسا لمتابعة دراساتي العليا ..يعني دي مش قصتي انما صاحبة القصة اعطيتها اسمي وشخصيتي لكن الاحداث كلها خيالية....وتخيلت ما يمكن ان يحصل معي لو سافرت الى هناك ونسجته في هذه الرواية التي تتابعون احداثها تباعاً....
وعندما اقول ان هذه الرواية من اجمل ما كتبت حقاً انها كذلك وعند نهايتها ستكونون الحكم ..

ولانني لبنانية وبناء على طلب الكثيرين من الاخوات الحوارات داخل القصة باللبناني بما اني لبنانية...وارجو ان تعجبكم ....ويسعدني كثيراً تعليقاتكم ...

-----------------------------------------------------------------------------------------

الفصل الأول

كم انتي جميلة يا فرنسا ...كلما امشي في شوارعك اشم في جدرانك تاريخ طويل لا يمحى ولا ينسى ...طقسك الخريفي الدائم يجعلني اشعر انني كل يوم سوف اولد من جديد ويزهر في قلبي ربيع ساحر..لكن مهلاً لحظة يا فرنسا.....مهما كنتي جميلة في نظري لن تكوني اجمل من بلدي لبنان.....برجك الكبير المعروف ببرج افيل لا يمكن ان ينسيني جبال لبنان وروعة طبيعة لبنان..حتى هذا المقهى الذي اجلس فيه الان واكتب ما اكتب فيه وحيدة بدون احد لا يمكن ان يجعلني انسى الجلوس امام نبع جميل في روابي ضيعتي عكار في يوم ربيعي على كرسي مهمل تحت شجرة صنوبرواسمع خرير المياه واسرح في عالم اخر.واكتب شعر واكتب نثر واكتب قصص حياة واكتب روايات ..احب فرنسا ولكن اين الثريا من الثرى اين لبنان وطبيعة لبنان وتراب لبنان وجمال لبنان منك يا فرنسا...اين شعب لبنان الحبيب الذي اينما ذهبت تفتح امامي الابواب بالترحاب بدون مقابل...اشتقت الى الوجوه اللبنانية الى وجه عجوز تخبز وتعجن الى شيخ جليل يسمعنا حكايات المساء الى سيدة تنظم مأدبة غداء من التبولة والفتوش والكبة النية...اين كل هذا من فرنسا...رغم انك يا فرنسا بلد الشعر والجمال والمتاحف والموسيقى والادب ولكن لبنان ايضاً بلد الابطال ومهد الحضارات وسويسرا الشرق.....ماذا اكتب عنك يا لبنان...

لولا دواعي السفر للدراسة لا يكمن ان اتركك يا وطني الحبيب ولكن امي دائماً ترديني ان انجح واكمل دراستي واحمل شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع ولولا الدراسة من غير الممكن ان ابتعد عن امي مهما كان...خالي الذي امكث مع عائلته رجل طيب وانا سعيدة معهم ورغم انني لم اكمل الشهر هنا ولكن لم يغب لبنان وبيتنا الجبلي ولا ثانية عن بالي...........
ولم احب غير هذا المقهى الذي اجلس فيه كل مساء وحيدة بعد ان انهي محاضراتي في الجامعة واكتب مذكراتي اليومية ...هذا ما يؤنس غربتي...انها بلد جميلة ولكن تفتقد الى كل ما يحويه لبنان من الفة ومحبة ولمة الشمل ..والكل لا يتعامل مع احد الا بدواعي المصالح...

تنبهت بعدها الى الجرسون الذي احضر لي فنجان من القهوة وبدأ يختلس النظر يريد ان يرى ماذا اكتب وانا اعرف تماماً انه لن يفهم شيئاً لانه فرنسي..ولكن فاجأني وقال...

-خطك حلو كتير....
قلت: انت بتحكي عربي؟....انت لبناني
- ...وقال بالفرنسية اهلاً وسهلاً )bien venu نعم لبناني

وتركني وغادر..الى زبون اخر .....اول مرة منذ وجودي في فرنسا اتعرف على احد لبناني غير اقربائي الموجودين لان اللبنانين في مقاطعة ليون غير متواجدين بشكل كثيف...الا بعض الرفاق الجزائريين او التونسيين...

من بعيد رأيت رفيقتي التونسية لمياء متقدمة نحوي... ومعها الكتاب الذي طلبته منها...ومعها ما لا افضله..معها رفيق فرنسي لنا في الجامعة...
اقتربت مني وسلمت علي وجلست هي والشاب الفرنسي..
ليماء: هيدا الكتاب يا ورد..صح ولا غلطتت

نظرت اليها بصمت وهززت رأسي بالايجاب....وبدأت الضحك هي ورفيقها...فما كان مني الا ان انتفضت ولملمت اغراضي...
-تأخرت لازم روح..
لمياء: طيب يا ورد بشوفك بكرة بالجامعة..
خرجت من المقهى ولم ارد ومشيت في الشوارع متجهة الى منزل خالي....فتحت لي الباب زوجة خالي عائشة...

- مساء الخير..كيفك يا مرت خالي..
- -اهلاً يا حببيتي يلا غسلي ايديكي لانو الاكل جاهز...

نظرت الى السفرة وجدت عليها جميع افراد العائلة ابن خالي الصغير احمد وابن خالي الكبير عمر وابنة خالي ندى وهي من سني....نظرت الى عمر الذي يكبرني بسنتين نظرت عتب كبيرة وجلست ولم اكلمه اما هو كان متوتراً للغاية وتناولنا العشاء وصعدت الى غرفتي ولحقت بي ابنة خالي ندى...

كنت احضر كتبي لابدأ بالدرس....وبدأت تكلمني...

ندى: شو يا ورد ما اكلتي منيح اليوم...
ورد: مشغولة يا ندى لهلق ما لقيت موضوع الرسالة الي بدي اناقشها مع انو بعلم الاجتماع في كتير امور ممكن اناقشها بس محتارة....
ندى: يلا الله يوفقك...

وشعرت ان في داخلها كلام...توجت الى الباب خارجة ولكن تراجعت..وقالت..
ندى: ورد بدي اقلك شي...
- قولي يا ندى...
ندى: انا واقعة بمشكلة ...
- شو القصة خبريني...
ندى: انا كتير مضايقة يا ورد هلشخص عم يلاحقني علطول مش عارفة كيف بدي اتخلص منو....
- مش عم افهم عليكي يا ندى احكيلي شو عم يصير....
ندى: في شخص من 3 اشهر اتعرفت عليه على اساس انو زميل دراسة لكن بلش يتقرب مني اكتر وهو فرنسي وطلب انو علاقتنا تكون جدية انا فكرت من كلامه انو قصدو علاقتنا تكون جدية انو نرتبط ...رغم انه في مسافات كبيرة بتبعدنا عن بعض ان كان طبيعة الحياة او الدين او كل شي...بس انا سمعته ...طلع قصدو بعلاقة جدية انو نكون اصحاب انتيم يعني علاقة مش صح...ومن وقتها ما عم اعرف كيف بدي اتخلص منو عم يقول لكل الجامعة اني انا صاحبته....صديته كتير بس تعبت جد ما عارفة شو بدي اعمل...انا بخاف من الله ما ممكن انزع سمعت اهلي رغم انو نحنا ببلد كل شي في مسموح بس ما ممكن هين اهلي او ديني مهما صار...

قلت بابتسامة عريضة...: والله انا كتير مبسوطة يا ندى انك عن تقولي هلكلام..كنت مفكرة انك متأثرة بالعيشة بفرنسا متل بعض ناس هون بالبيت....
ندى(باستغراب): مين قصدك؟؟؟
-لا لا ما تهتمي...المهم انا مبسوطة بثقتك بنفسك يا ندى..... ما تخافي من شي لانو ربنا اكيد حدك....الناس اليوم بتحكي بكرة بتسكت......
ندى: رح حاول...ما رح اضعف ابداً...هلبلد بدا القوي....
- صح بدها القوي...انا ناوية برم على شغل...من بكرة...
ندى: ليه يا ورد ناقصك شي قوليلي....
- لا ابداً بس انا بحب اعتمد على حالي....
ندى: بس يا ورد...............
- شو يا ندى...احكي..
ندى: صعب حدا يقدر يشغلك هون بفرنسا..لانك محجبة
- ليه هون كمان ممنوع المحجبات يشتغلو..
ندى: لا يا ورد مش ممنوع..بس ما حدا بيشغل محجبة..هون بفرنسا النظرة الى المحجبات مختلفة عن بلدنا...
- بعرف يا ندى بس رح احاول.....مع انو لبنان بلد الحريات اكتر من هون بيدعو انهم بلد الحريات بس لا بلد الحلايات ولا شي بلبنان بتعملي الي بدك والكل بيحترمك كيف ما كنتي هيدي حرية شخصية..
ندى: معكي حق..ما في احلى من لبنان..

امضيت النهار كله اليوم وانا ادخل الى مكتب وادخل محال واخرج من محال والكل يقول لي باردون او اسفين مع ان اغلب المحلات التي دخلتها مكتوب على بابها نريد موظفة للعمل ولكن على ما يبدو انني لست الموظفة المطلوبة...وعدت الى البيت واليأس يعتريني ...ووجدت عمر ابن خالي جالس لوحده في الصالة ..
تكلمت معه ببرود......
-مسا الخير يا عمر..
رد علي بخجل : اهلاً يا ورد...

قلت وكأنني اريد ان اتهرب من الحديث معه: عن اذنك..وتوجهت الى غرفتي ولكن استوقفني كلامه...

عمر: ورد ما تزعلي مني انا ما عملت شي غلط...وعملي معروف ما تخبري اهلي...
استدرت لاوجه اليه الحديث ونظرت اليه للحظات.....

- مش رح خبر خالي يا عمر ولو بدي خبرو كنت من اول ما عرفت خبرته..مش لانو متل ما عم تقول ما عملت شي غلط..بس لاني مش جاية فرنسا الا ادرس..مش حابة اعمل مشاكل...

عمر: ورد نحنا هون بفرنسا مش بلبنان..لازم تفهمي هلموضوع...
-- فاهمة انو نحنا بفرنسا مش بلبنان..بس انت مش فاهم انك مسلم وعربي مش فرنسي...
عمر: هون بفرنسا مش غلط اذا شب وبنت سهرو بمطعم ورقصو وغنو سوا..هون كل شب عندو بنت وكل بنت عندا شب ...

قلت باستهزاء..

-تمام....خلصت كلامك...
عمر: واذا شفتيني انا وطالع من ملهى ليلي انا وهلبنت مش معناه تنصدمي وما تحكي معي هيدا شي عادي بفرنسا...
- الله يرحم عمر الشب المهذب الي عرفته بلبنان بيصلي ويخاف الله وخجول ..كلو راح انصدمت جد...الغربة غيرتك لانو الي جواك ما كان ثابت لو كان الي بقلبك ثابت ما كنت اتغيرت وخاصة من ناحيتي...

عمر: كل الي وعدتك فيه لما كنا بلبنان كان حكي ولاد مش اكتر كنا ولاد...
قلت باستهزاء: صح كنا ولاد..عكلن هيدا الموضوع اخر همي..انا جاية دور على مستقبلي هون مش على عريس.واصلن لو كان الي وعدتني في بلبنان بعدو ببالك بعد ما شفتك كيف اتغيرت صرت بنظري اخر الرجال الي ممكن فكر فيون..بس الحياة الي انتي ماشي فيها غلط..

بدأإ يكلمني بلهجة غاضبة....

عمر: اسمعي يا ورد اذا بدك تعيشي عنا نصيحة ما تدخلي بحدا..خليكي بنفسك...

- ماشي..انا اصلاً باقية هون لفترة بعدين بدي عيش وحدي..ورح اتركلك هلبيت الي عم تزلني انا عايشة معكن فيه..بس خالي ما عرف ربا ...للاسف..يا حرام ...يا حرام...

ادرت وجهي...ودخلت غرفتي واقفلت الباب عليي ولم اتناول معهم العشاء ولم افتح الباب لأحد وفي الصباح استيقظت ولم اجد احداً في البيت وشعرت ااني تعبة جداً ..دخلت المطبخ لأحضر لنفسي كوباً من الشاي وانا سارحة بوضعي ووضع هذه العائلة وكيف سأجد عملاً....قطع سرحاني رنين الهاتف..

- الو بونجور
- بونجور دوموازيل

وبدأت تكلمني بالفرنسية اخبرتني ان طلبي الذي قدمته في المطبعة من اجل العمل قد وافقو عليه..لم اصدق نفسي وبدأت اشكرها بحرارة وركضت مسرعة الى المكتب لأتناقش معهم بخصوص العمل الجديد....
استقبلني رجل تونسي وكان صاحب المكتب وكلمني بالعربية..

- اهلاً بيكي عنا في فرنسا اتمنى ان تكوني برشا سعيدة هني..
- والله الحمدالله لسه ما صرلي شهر هون جيت اكمل دراستي..
- جميل جميل..انا اريد سكرتيرة هني..يناسبك الموضوع...
- يناسبني بس يا ريت يكون بعض الضهر لان قبل الضهر بكون في الجامعة..
- ماشي ماشي اتفقنا..

قلت بتردد ملحوظ: بس ممكن من بعد اذنك اسألك سؤال؟
-اتفضلي ...
- لاحظت انو اغلب المكاتب ما بيشغلو محجبات شو الي خلاك انك تقبل تشغل واحدة محجبة رغم اني لاحظت بالمكتب ما عندك ولا فتاة محجبة...
- ليه مش ناوية تشيلي حجابك ...اوقات العمل..

قلت باستهزاء: اكيد لق
- كل الي شايفتيهم هنا البنات في منهم محجبات واغلبهم بيشيل حجابه وقت العمل..

ضحكت وقلت: لقه انا مش حاطة حجابي مواسم..هيدا حجاب مش لعبة او اكسسوار بشيلو وبحطه...

- طيب خلاص ما تزعلي بذودلك دخلك ل 500 يورو.....ما بيستاهل الحجاب 500 يورو تشيلي كرمال الشغل
- ولا ملايين...اسفة...عن اذنك...
-
خرجت والدمعة في عيني واول مرة منذ مجيئي الى فرنسا ابكي...وفجأة فكرت وقلت في قرارة نفسي ..ما الذي اتى بي الى هنا..الى هذه الارض التي لا تعرف دين ولا اعراف....ومشيت وانا انظر في اعين الناس ...وشعرت اني غريبة حقاً غريبة...كأني اتية من عالم اخر احمل تقاليدي وديني وعاداتي وتربيتي فوق ظهري والحمل ثقيل جداً ..لكن لن اتركه ولن انزله سأبقى احمله مهما كان..واتجهت الى المقهى المعهود الذي اجلس فيه دائماً ...طلبت فنجان من القهوة...وقدمه لي نفس الجرسون اللبناني...نظر الي وجد الدموع في عيني..توقف للحطة وغادر من دون ولا كلمة وبعد لحظات عاد الي...

قال بصوت منخفض: اللبنانية بيحنو على بعض ..اذا في شي قولي ممكن اساعدك...
قلت باستغراب وشكر: لق شكراً ...ما بدي مساعدة...
قال: نحنا اخوة وبضيعتي اتعلمت واتربيت انو كل الناس اخواتي ..

نظرت اليه وجدته معلق على رقبته الصليب..عرفت فوراً انه مسيحي...استغربت اكثر..ما الذي يدفع مسيحي يتكلم مع فتاة مسلمة ومحجبة...

- اكيد كل اللبنانية اخوة...
- قال: اسمي سليم...من بيروت...وانتي؟
- انا من شمال لبنان وساكنة بضيعة بعكار...
- اهلاً فيكي بفرنسا..اسف اني اتطفلت عليكي...بس مجرد ما عرفت انك لبنانية حسيت اني مجبر اهتم بحضرتك خاصة انك زبونة دائمة..واعتبريني اخ

- شكراً....(ونظرت الى الخارج لأشعره ان الحديث انتهى...فشعر بذلك وانسحب بهدوء ...اكملت فنجان القهوة وخرجت مسرعة وشعرت انه ينظر الي ويراقب خطواتي وانا خارجة..لم أعره اي اهتمام وتابعت طريقي)

استوقفني محال بسيط يعمل فيه رجل عجوز يبيع الحلويات...دخلت لاشتري بعضاً منها...

- Bonjour-je veux un kilo s il vous plait (كلمته بالفرنسية وطلبت منه كيلو من الحلويات لكنه نظر الي وقال)
- Tu es arabe?(يعني انتي عربية)
- Oui
تكلم عندها معي بالعربية وقال: اهلاً بيكي يا بنيتي..انا مغربي عربي..

ابتسمت له وقلت: يا مرحبا فيك..
قال: يا مرحبا بيكي..تونسية..
- لا لبنانية...
- اهلاً بلارض الخضرا..انا زوجتي فرنسية وباقلي هني في فرنسا 40 سنة..
- ياه..انا ما كملت شهر هون في فرنسا...
- الحياة لكن هني رح تتعلمي منها بزاف...
- والله شكلي كرهت هلبلد وخلصت..محتاجة شغل وما حدا عم يرضى يشغلني لاني محجبة..

فكر قليلاً وقال: انا بشتغل هني انا وزوجتي واش رأيك تساعديني انا زوجتي مريضة هلايام ومحتاج لحد معي على البيع وانا بكون في المعمل جوه..

قلت بفرح : اكيد موافقة..يا عم...
قاطعني قائلاً: عمك كريم...يا بنتي..

شعرت في كلامه بصدق كبير ووجه مريح لدرجة كبيرة وكأن الله بعثه لي هدية من السماء...واتفقت معه على العمل ومواعيده وخرجت وانا بغاية السعادة وحملت معي بعضاً من الحلويات لبيت خالي..
لكن ما ان دخلت حتى رأيت ..يا لهول ما رأيت..

يتبع........

الله ينور يا ساسو
والله جامده جدا
انا مستنى الباقى

مثبت

الله ينور يا ساسو
منتظرين البقية